–
22 أبريل، 2012نشر فى: مقال
قبل حضور مأذون الأنكحة لعقد قران ذلك الشاب على تلك الفتـاة كانت اللحظات تمر ببطء، والصمت بدوره يعم أرجاء المكان، والهدوء هو اللافت على امتداد المجلس حتى نهاية غرفة الضيوف، بينما كان الجمع الحاضر في ذلك المساء المسيج بالسكينة والسكون وتباشير الفرح في ترقب وانتظار لقدوم مأذون الأنكحة ؛ لتبدأ معه حياة أخرى نابضة بالانتشاء والفرح، ولتبدأ معه بيادر مرحلة قادمة بالألق والسعادة لفتح باب أسرة جديدة ونواة فاعلة في سجل الحياة والشراكات الأبدية..!! اقترب والد الفتاة من الشاب العريس المرتقب؛ ليهمس في أذنه اليمنى بصوت واضح وعبارات متماسكة قائلاً: إن من أهم شروطنا أن توفر سكناً مستقلاً لتعيش فيه ابنتنا تحسباً ودرءاً للخلاف ؛ حتى لا يحدث بينكما ما يعكر الصفو الزوجي والعائلي مستقبلاً بعيداً عن الأسرة.. وكأي شخص يُقدم على الزواج ويرغب في إكمال نصف دينه دونما “شوشرة” تحلى العريس بالصبر ورباطة الجأش، واختار السكوت والصمت بحلم..!! وقبل أن تـُسمع منه الإجابة بالموافقة على الشرط أو الرفض قطع مأذون الأنكحة بحضوره المتأخر بقايا الكلمات؛ فأخبره ولي الفتاة بأن عليه – أي المأذون – قبل أن يبدأ تسجيل مراسم العقد وقيمة المهر أن يدوّن شرط السكن المستقل للزوجة من حيث الأهمية في صك العقد، مبرراً ذلك بوصفه حقًّا من حقوقها وشروطها المشروعة؛ ليلتفت المأذون للعريس قبل أن يجلس باعتدال وهو يرمقه بنظرة عابرة على عجل، منتظراً رده إن كان موافقاً أم لا؟.. فما كان من العريس سوى القبول وعدم الممانعة؛ فالاستقلال في النهاية لا بد منه وإن طالت الأيام.. فقال العريس: لا مانع عندي، ولكن قبل إن تسـجّل هذا في الصك سجّل بجوار شرطهم أن من حقي الشرعي بوصفي رجلاً الزواج مرة أخرى بامرأة ثانية في حال رغبتي واحتياجي لذلك الزواج مستقبلاً، وأن يكون الخيار هنا مفتوحاً مع وقف التنفيذ ما لم أُجبر على ذلك.. عندها ذُهل الجميع ولم يكن أمام الأب سوى الاستئذان للذهاب ليسأل ابنته ويستشيرها في هذا الشرط المفاجئ كردة فعل غير متوقعة، وما إذا كانت موافِقة عليه وراضية به أم أن لديها تحفظاً عليه؛ ليعود بعد نحو ربع ساعة كانت هي الزمن الفاصل لرحلة الذهاب والإياب؛ ليخبر المأذون والعريس بأنهم قد عدلوا عن شرط السكن في الوقت الحالي؛ حتى تتحسن الظروف والأحوال للزوج، ويُكوِّن مستقبله، مقابل عدول الزوج في هذه الحالة عن شرطه، وبيّن أن العائلة قررت بعد التشاور فيما بينها القبول بأن يكون الزواج على طريقة “سكر في ماء” وبنظام “دع الأيام تفعل ما تشاء”. بما يؤكد قبول ابنتهم المصون بخيار المجهول والتأرجح على خطوط الاحتمالات المفتوحة.. فإما أن تتعايش مع أهل زوجها وتصبر عليهم، وتكسب ودهم، وتفتح معهم صفحات من الرضا والاحترام المتبادل، وتقبل بكل الظروف على أمل أن يقتنع زوجها من نفسه بوصفه صاحب أسرة بأن ضرورات الحياة تتطلب استقلالهما في منزل خاص بهما، أو أن تقرر العودة لأهلها على ألا تشاركها فيه امرأة أخرى فيما لو فكر في الأمر على محمل الجد؛ ذلك أن قبولها بمثل شرطـه دونه خــرط القتــاد..!! ما أود الإشارة إليه والتأكيد عليه أن ما جاء في تفاصيل السرد القصصي أعلاه كان مجرد “سيناريو افتراضي” بهدف طرح السؤال على النحو الآتي: إذا كان من حق الزوجة فعلياً أن تشترط على الزوج سكناً مستـقلاً لها بعيـداً عن أهله، وغيره من الاشتراطات المشروعة بالطبع، أليس من حق هذا الزوج قبل إتمام العقد أن يشترط بدوره موافقة الزوجة في حال رغبته في الارتباط بزوجة أخرى بوصفه خياراً مفتوحاً على الأقل، وليس بالضرورة أن يتخذه بوصفه حقًّا من حقوقه ما لم يُدفع إليـه دفعـاً.
سلمان بن أحمد العيد
عن salman
بارك الله فيك أخى الفاضل على هذا المقال الرائع الجميل أنت فعلا دائما تصيب الحقيقة والله وعقبال عندك إن شاء نفرح فيك وتكتب عقد القران