الإجازة .. فرصة للعمل

ارتبط مفهوم الإجازة لدى الكثيرين بالراحة والكسل والخمول والتخلص من الأعمال بشكل عام، إلا أن البعض وجد في الإجازة فرصة للعمل الجاد، واستثمار الوقت، حتى ارتبطت كل إجازة لديه بعمل جميل أو إنجاز رائع أو قصة نجاح.
لقد عدَّ الرسول – صلى الله عليه وسلم – الفراغ من النعم التي تفوت الكثير من الناس، فقال عليه الصلاة والسلام: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ” متفق عليه. إذاً فالوقت نعمة عظيمة يسأل عنها العبد يوم القيامة، فكيف إن اجتمعت معه الصحة والعافية، ولذا قال ابن الجوزي: ” قد يكون الإنسان صحيحاً ولا يكون متفرغاً لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنياً ولا يكون صحيحاً، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون، وتمام ذلك أن الدنيا مزرعة الآخرة، وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومن استعملهما في معصية الله فهو المغبون، لأن الفراغ يعقبه الشغل والصحة يعقبها السقم”.
وإن كان الأصل في الغبن أن يستعمل للدلالة على النقص في البيع، إلا أنه استعمل هنا للدلالة على أن من لم يستعمل صحته وفراغه بطاعة الله فقد غبن كل الغبن في سوق تجارة الآخرة والدنيا.
إنَّ الراحة والمتعة والمرح واللعب لا تتعارض أبداً مع الاستفادة من الوقت، لابد من جعل هذه الأمور وسائل للوصول إلى الاستفادة الحقيقية من الإجازة، إن اللعب وسيلة للتعلم، وطريقة من طرقه، ليس للصغار فحسب بل حتى للكبار، إن الراحة محطة للانطلاق نحو أعمال مثمرة ومفيدة على مستوى الفرد منا، وبالتالي على مستوى الأمة.
إذاً فلنجعل من الإجازة وسيلة للتعلم لدى أطفالنا، ووسيلة لدفعنا نحو المزيد من العطاء، ولنتذكر من حبسه مرضه، أو حبسه شغله، أو حبسه أي أمر من الأمور عن الاستفادة من هذه الأوقات، ولنعط أبناءنا وزوجاتنا ما يستحقون منا من وقت واهتمام ورعاية وتربية، ولنعط أقاربنا ما يستحقون منا من صلة للأرحام وتواصل وزيارة، ولنعط أمتنا ما تستحق منا من عطاء وبذل وأفكار عملية ومشاريع وبرامج مثمرة، ولنعلم أن الإجازة فرصة للعمل.

بقلم : سلمان بن أحمد العيد

عن salman